من الصفات المميزة التي امتازوا بها العرب سابقآ الفصاحة والبلاغة وسرعة البديهة والفطنة والحكمة وهذا ما نجده بما نقل عنهم من أقوال وأشعار وحكم .
ومن الشيء الملفت للإنتباه أن هذه السمات أو الصفات تخرج من أفواههم بشكل عفوي ومباشر دون تخطيط أو تنسيق مسبق أو وقت للترتيب والتنقيح ومن ثم العرض كما في هذا الزمن الذي عند كتابتنا لجملة ترحيب فإنها تستغرق منا وقت ليس بقصير حتى نعرضها على مسامع الآخرين وتخرج بأقل المستويات مقارنة بما سبقونا . هذه هي الفراسة التي جبلوا عليها أصولنا الأوائل التي لم يتعلموها من دروس اللغة و البلاغة والفصاحة وإنما تربو في بيئة غنية بالمفردات الفصيحة التي قلت بها الملوثات اللغوية والفكرية السامة التي نعاني منها في هذا الزمن .
فالجاهل عندهم كالعالم عندنا والعالم في تلك الفترة أصبح إسطورة لا يمكن أن تتحقق في زمن الفكر الضعيف واللغة الهزيلة التي قد تتلاشى ولا يبقى لنا منها إلا كتاب الله تعالى “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” صدق الله العظيم . بالإضافة إلى سرعة البديهة في الرد وخاصة عندما تخرج من رجل صالح فيضيف إليها فوق الفنيات اللغوية حكمآ لو أخذنا بها لنلنا منها ثمارآ جمى …ولقد نقلت لكم مثالين من مجموعة من الأمثلة التي تبرز لنا هذه السمات فهي غيض من فيض .
فلنتأمل معآ قول الإمام الشافعي عندما سأله أحد العرب وقال له: يا إمام دلنا على: واجب وأوجب , وعجيب وأعجب , وصعب وأصعب , وقريب وأقرب ؟ قال له الإمام الشافعي رحمه الله : واجب الناس أن يتوبوا , ولكن ترك الذنوب أوجب . والدهر في تصرفه عجيب , وغفلة الناس عنه أعجب . والصبر عند المصائب صعب , ولكن فوات الثواب أصعب .وكل ما تتمنى قريب , والموت من ذلك أقرب .