الحمار هذا الحيوان المظلوم والمفترى عليه يربط صورته بالغباء , إختاره المخرج المغربي اليونسي ليكون بطلا لفيلمه الوثائقي “سيد المدينة” , وتم تصوير الفيلم في مدينة فاس المغربيه التي تبعد نحو 200 كيلومتر شمال شرق العاصمه الرباط . موقع احتله بفعل دوره الاجتماعي والاقتصادي والإنساني الهام في هذه المدينة العتيقة , وانتبه “محمد اليونسي” المخرج السينمائي المغربي الشاب لأهيه الحمار الإجتماعيه والإقتصاديه والإنسانيه ليمنحه بطولة مطلقة في فيلم وثائقي بعنوان “سيد المدينة”مدة عرضه 52 دقيقه .
اكتشف اليونسي موضوع الفيلم، بالصدفة في إحدى جولاته بالمدينة العتيقة لفاس بحثا عن بعض من الكنوز الحضارية والتاريخية التي تزخر بها وتحجبها أسوارها العالية، ويمكن أن تكون موضوعا لفيلم يستهل به تجربته السينمائية بعدما كان له في المسرح مولد وشهرة. حينها لم يكن يعتقد أن هذا الشريط سيفتح في وجهه بوابة النجاح.
جاء اختيار الحمار بطلا للفيلم الوثائقي المغربي “سيد المدينة” لمخرجه اليونسي، بالصدفة بعد الوقوف على الأدوار الطلائعية والمهمة التي يلعبها في عدة مدن مغربية عتيقة وقرى نائية، والانتباه إلى الحيف الذي طاله من قبل المخرجين الذين عادة ما يعتبرونه مجرد أداة لحمل الأمتعة. وبذلك جاء هذا الفيلم لتكريم هذا الحيوان الخدوم .
يقول اليونسي مخرج الفيلم ” أثناء البحث بين المعالم التاريخية والحضارية بفاس عن موضوع لفيلم وثائقي كنت أستعد لإنجازه كي أقتحم بواسطته عالم السينما والصورة ، أثار انتباهنا وجود الحمار في كل مكان لنقف على حقيقة دوره الحيوي في الحركة التجارية واليومية بالمدينة ليستحق بذلك لقب “سيد المدينة” وخادمها والحيوان الأول فيها “.
ويؤكد أن لهذا الحيوان المقهور والمنبوذ، أدوار أخرى غير حمل الأثقال والتنقل بها بين الدروب والأزقة الضيقة التي تميز فاس العتيقة التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني الهجري لما بناها المولى إدريس ، من قبيل “تقديمه خدمات تجارية واجتماعية وهو الذي يعيل عدة أسر ويحمل السلع والأزبال والمرضى وحتى السكارى في آخر الليل”.
لا ينكر محمد اليونسي كون مخرجين زملاء له اتخذوا قبله من الحمار موضوعا لأفلامهم السينمائيه ، حيث حظر هذا الحيوان في أكثر من ثلاثة أعمال عولجت فيه مشاكله وأوضاعه وأدواره ب”شكل سطحي ومن دون تعمق في معاناته وأدواره الحيوية”.
وبنظره , فالحمار غالبا ما يتم استغلاله – من قبل المبدعين المغاربة سينمائيين كانوا أو مسرحيين – كحامل للبضائع “ليس إلا”، بينما تطلب إنجاز الفيلم الوثائقي “سيد المدينة” من طاقمه إجراء بحث دقيق في معاناته ودوره وعلاقات أصحابه به ونظرة المجتمع إليه.
وأشار منصف القادري كاتب قصة الفيلم ، إلى أن اختيار الحمار بطلا للفيلم جاء لإعادة الاعتبار لهذا الحيوان واعترافا بالخدمات اليومية التي يقدمها بدء من جمع الأزبال ونقل المواد والسلع والعجزة والحالات المرضية ووصولا إلى “حمل السكارى” من الرصيف إلى منازلهم .
وإن كان المجتمع ما يزال يذكر لفظة “حاشاكم” كلما ذكر اسم الحمار، فالفيلم جاء لمحو تلك الصورة السيئة عن هذا الحيوان الخدوم.
وما قد يجهله الجميع هو أن الحمار يعتبر السبب الرئيسي في إنشاء الفندق الأمريكي بفاس المختص في علاج الحيوانات بالمجان، بعدما زارت سيدة أمريكية المدينة ووقفت في عشرينات الألفية الماضية على حقيقة الوضع الصحي للحمار”.
ويعتبر منصف القادري كاتب القصه أن هذا الفيلم الوثائقي يحاول بطريقة أو بأخرى إبراز الدور الكبير الذي يلعبه الحمار في فاس أكبر مدينة للراجلين في العالم، والتي “لو لم يكن الحمار لما كانت المدينة، وقيمة الشيء لا تعرفه إلا بفقدانها وغيابها”.