من فضائل لا حول ولا قوة إلا بالله
فمن الكلمات العظيمة التي وردت النصوص بفضلها وعظم شأنها (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)، وقد وردت نصوص بفضلها وحدَها، وكذلك مضمومة لأذكار أخرى، وأوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم عددًا من أصحابه، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا”، ثُمَّ أَتَى عَلَيَّ وَأَنَا أَقُول فِيِ نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَقَالَ: “يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ”.
قال النووي – رحمه الله -: “قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيره، ولا رادَّ لأمره، وأن العبد لا يملك شيئًا من الأمر، ومعنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس، كما أن الكنز أنفس أموالكم”.
وقال ابن القيم – رحمه الله -: “ولمَّا كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر الناس، وكان هذا شأن هذه الكلمة، كانت كنزًا من كنوز الجنة فأوتيها النبي صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش، وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمة الأمور بيديه، وفوض أمره إليه”. ومعنى: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللَّهِ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: “أي: لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله” .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “وقول: ولا حول ولا قوة إلا بالله يوجب الإعانة، ولهذا سنها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال المؤذن: حي على الصلاة، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا قال: حي على الفلاح، قال المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال المؤمن لصاحبه: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ [الكهف: 39]، ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شيء .
ومن فضائل (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ): أنها كفارة للذنوب، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا عَلَى الأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ، إِلاَّ كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ”.
ومنها: أن من داوم عليها وجد قوة في بدنه، قال ابن القيم – رحمه الله -، “وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – يذكر أثرًا في هذا الباب، وهو: “أن الملائكة لما أُمروا بحمل العرش، قالوا: يا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك وجلالك؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلما قالوها حملوه”.